تعليم الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة: دليل شامل للآباء والمعلمين

تعاني بعض الأسر مع تعليم الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة في جميع مناحي الحياة، وخاصة في مجال التعليم حيث يواجه الآباء الكثير من التحديات عند تعليم أطفالهم المصابين بفرط الحركة، حيث أنهم يتسمون بخصائص وصفات مختلفة عن أقرانهم، تجعل التعامل معهم أصعب .

وفي المقام الأول، يجب على الأسر أن يتفهموا طبيعة اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه جيداً، ويتعلمون كيفية التعامل مع أطفالهم بطريقة صحيحة وفعالة تضمن لهم رحلة تعليمية ناجحة طوال حياتهم.

وفي هذا المقال، سنقدم لكم بعض الاستراتيجيات العملية لتعليم الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة والنصائح التي تساعدكم في تربية طفلكم المصاب بفرط الحركة وتعليمه بطريقة صحيحة.

كيف تصبحين المعلمة المثالية لتعليم الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة


خصائص الأطفال ذوي فرط الحركة

يتميز أطفال فرط الحركة ببعض الصفات والخصائص التي تميزهم عن غيرهم، وهذه الصفات تؤثر على العملية التعليمية بشكل كبير، ومن هذه الخصائص عدم الاهتمام بالتفاصيل والوقوع في الكثير من الأخطاء بسبب الإهمال، مع صعوبة كبيرة في الحفاظ على التركيز والانتباه، ويعطي الطفل انطباعا أنه لا يبدو وكأنه يستمع لمن يتحدث معه.

والطفل المصاب بفرط الحركة يتشتت بسهولة بأي مؤثرات خارجية، كما يواجه صعوبة في اتباع التعليمات والتوجيهات، كما يعاني من صعوبة في الترتيب والتنظيم أو الحفاظ عليهما. وكل هذه الخصائص تؤثر سلباً على عملية التعلم.

فمثلا إن كان في الفصل الدراسي مع زملائه أثناء شرح الدرس يمكن للطفل أن يتشتت بسرعة ويفقد انتباهه لمعلمه وللدرس ولا يعطي تركيزه لهم فجأة، كما سيواجه الطفل صعوبة في تنفيذ التوجيهات التي تقدم له من معلمه.

وفي البيئة التعليمية، يكره الطفل المهام التي تتطلب جهد عقلي وتركيز باستمرار ويتجنبها، بالإضافة غلى فقده للأدوات بسهولة، والتنقل من نشاط أو مهمة إلى أخرى دون إنجاز أي منهما.

كما يعاني الطفل المصاب بفرط الحركة من صعوبة في البقاء جالسًا لمدة طويلة، فهو يميل إلى الركض والتسلق كثيرًا وفي أي مكان، فضلا عن الثرثرة، والعبث باليدين والقدمين كالتأرجح أثناء الجلوس على الكرسي، وصعوبة المشاركة في الأنشطة بهدوء.

يجيب الطفل المفرط في الحركة عن الأسئلة قبل الانتهاء من طرحها، ولا ينتظر المدرس للسماح له بالمشاركة في الفصل، كما يشعر بصعوبة انتظار الدور في الطوابير، ويلجأ لمقاطعة الآخرين في الحديث.

فضلا عن التهور والمشاركة في الأنشطة الخطرة دون تردد، وعدم القدرة على كبت ما يريد قوله بغض النظر عمن يتحدث معه.

ولكل طفل منهم استراتيجيات مختلفة للتعامل معه في البيئة التعليمية، تبعا لحالته واحتياجاته واستجاباته، وفي هذه الحالة لابد من تعاون الآباء والمعلمين والمدرسة في استراتيجيات تعليم الطفل حيث يتميز كل طفل عن غيره بخصائص مختلفة.

فلابد من التعاون مع المتخصصين والتربويين لوضع استراتيجية تعليمية مناسبة للطفل ليتعلم بدون عوائق وتحديات ، يكون هدفها تعليم الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة.

تهيئة البيئة التعليمية المناسبة

عند البدء في تعليم الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة، لابد من تهيئة البيئة التعليمية المناسبة له، فمثلا:

يجب على الأهل والمعلمين إبراز المثيرات التي يحتاجها الطالب من ألعاب وأدوات تعلم فقط وحجب باقي المثيرات التي تزيد من فرط الحركة وتشتت انتباه الطفل والتركيز على المواد الأساسية فقط.

تقليل المشتتات من خلال إبعاد المواد والأدوات الخطرة، وإتاحة الألعاب في الزمان والمكان المخصص لها فقط.

استخدام  الأدوات البصرية أو نظام رموز الألوان (Colour Code) في تصنيف الكتب والدفاتر وأماكنها، وتمييز شئ عن أخر، عن طريق وضع مصلا لاصق برتقالي على دفاتر وكتب مادة اللغة العربية، ولاصق أزرق على دفاتر وكتب مادة اللغة الإنجليزية.

كما يمكن عرض التعليمات أو واجبات التعلم من خلال بطاقات مصورة تساعد الطفل على فهم المهمة المطلوبة بطريقة بصرية.

يمكن تم يتم دمج الطفل في العمل ضمن مجموعات، من حيث توزيع الأدوار بين الطلاب، والاستماع إلى الآراء المختلفة.

طريقة أداء الواجبات والاختبارات من حيث فهم الأسئلة والبدء بالأسئلة السهلة، ووضع رموز حول الموضوعات التي تحتاج لإعادة مراجعة.

يجب تقسيم المهام الكبيرة إلى أجزاء صغيرة يسهل على الطفل فهمها وتطبيقها طبقا لخصائصه.

يمكن السماح للطفل بأخذ فترات راحة كافية ومناسبة بين كل مهمة وأخرى حتى يستعيد تركيزه وانتباهه ولا يشعر بالملل.

استراتيجيات التدريس الفعالة

في عالم يتسارع فيه التطور التكنولوجي، لم يعد التعليم مجرد تلقين للمعلومات، بل هو رحلة تفاعلية ممتعة تهدف إلى تنمية مهارات الطفل وقدراته خصوصا الطفل صاحب اضطراب فرط الحركة، وهناك بعض استراتيجيات التدريس الفعالة التي يجب اتباعها مع الأطفال، منها:

التدريس التفاعلي

تخيل أنك في ورشة عمل ممتعة، حيث يمكنك التعبير عن رأيك والمشاركة في المناقشات والألعاب التعليمية. هذا هو بالضبط ما يفعله التدريس التفاعلي. إنه يشجع الأطفال على المشاركة الفعالة في عملية التعلم، مما يجعلهم أكثر استيعابًا للمعلومات.

التدريس الحسي

هل تعلم أن استخدام الحواس المتعددة في التعلم يجعل المفاهيم أكثر واقعية؟ تخيل أنك تتعلم عن الفواكه، ليس فقط من خلال الصور، بل أيضًا من خلال لمسها وتذوقها. هذا هو التدريس الحسي، الذي يجعل التعلم تجربة ممتعة لا تُنسى، ويساعد الأطفال على التركيز ويشد انتباههم.

التدريس القائم على المشاريع

عندما يحصل الطفل على مشروع صغير لإنجازه، فإنه يتعلم كيفية التخطيط والتنظيم وحل المشكلات. هذا هو التدريس القائم على المشاريع، الذي ينمي مهارات الطفل ويجعله أكثر اعتمادًا على نفسه.

استخدام التكنولوجيا

في عصر التكنولوجيا، لا يمكننا تجاهل التطبيقات التعليمية والألعاب الإلكترونية التي تجعل التعلم أكثر متعة وتفاعلية. هذه الأدوات تساعد الأطفال على استيعاب المعلومات بطريقة مبتكرة وشيقة.

تعديل السلوك وتعزيز الإيجابية

من أهم الأشياء التي يجب اتباعها مع أطفال فرط الحركة هي تعديل السلوك وتعزيز أي سلوك إيجابي لهم، فمثلا:

عند التعامل مع السلوكيات الغير مرغوبة، يجب التجاوزعن الأخطاء البسيطة مثل حركة اليد وعدم الالتفات للأمور البسيطة مع التركيز على المشاكل الكبرى.

ولابد من شغل الطفل دائماً حتى لا يجد الفرصة لإثارة العراقيل والشغب في الفصل الدراسي أو في المنزل.

يجب عدم مقارنة الطفل بزملائه أو أقرانه وقول “فلان أحسن منك” بل الصواب مقارنة الأفعال وليس الأشخاص.

على المدرس أن يلتزم ببطاقة السلوك اليومي وتسجيل أفعال الطفل السيئة والحسنة حتى تلاقي بتقدير الوالد في المنزل وتدخل تحت الثواب والعقاب.

مع الحرص على عدم توبيخ الطفل أمام زملائه.

والاتفاق مع الطفل على إشارة يستخدمها المدرس أو المربي لتنبيه الطفل أنه قد فعل أمراً غير مرغوب فيه.

ويمكن للمدرس الاستعانة بوسيلة الثواب والعقاب داخل الفصل، مع تحديد شكل العقاب قبل حدوث المشكلة، ولا يتركه بعد حدوث الموقف لأن الكثير من الآباء والأمهات وأيضاً المدرسين يعاقب الطفل عندما يخطأ بالمقدار الذي يشفي غيظه لا بمقدار يتناسب مع الخطأ، لذا يجب أن يتناسب كل عقاب مع حجم الخطأ.

وتعديل السلوك يتطلب اتصال وثيق بين المدرس والوالدين لمتابعة سلوك الطفل في المدرسة وفي المنزل.

لا تحاربي طبيعة طفلك المصاب بفرط الحركة، وحاولي فقط السيطرة على سلوكه، فيمكن للحركة أن تساعد في الحفاظ على التركيز. فيمكن أن تستخدمي الألعاب الحركية لمساعدته على فهم الدروس، ولا تعتمدي فقط على الدروس التي تتضمنها الكتب الدراسية.

عليك أن تدركي قبل الآخرين أن الجميع يمرون بظروف استثنائية، فلا تتوقعي نتائج غير تقليدية، التحصيل الدراسي المتوسط والبسيط يعد إنجازا كبيرا لطفلك في ظل هذه الظروف المختلفة التي ستواجيهها لأول مرة، فلا تقارنيه بأقرانه.

وعليك أن تشجعي طفلك على كل سلوك إيجابي يقوم به، وتكافئيه عليه لتعزيز هذا السلوك في نفسه ليتعامل به دوما.

وتجنبي العقاب البدني لأنه كثيرا ما ينتج عنه ردود فعل عكسية غير مرغوب فيها.

وركزي على تعليم طفلك مهارات إدارة الذات مثل التخطيط والتنظيم والتحكم في الانفعالات.

دور الأهل في دعم تعليم الطفل

الأهل هم المعلم الأول للطفل، وهم أيدي وأرجل الأطفال في رحلتهم التعليمية، فعليهم أن يؤدوا دورهم على أكمل وجه في دعم عملية تعليم طفل فرط الحركة.

التواصل المستمر

على الأهالي أن تحرص على اتصال دائم مع معلمين أبنائهم في المدرسة، وقضاء الوقت معهم لمناقشة حالة الطفل ومستواه وتقدمه وتطوره وتحديد نقاط القوة والضعف

التنظيم

علمي طفلك التنظيم وساعديه على ذلك، فيميل الطلاب المصابون باضطراب فرط الحركة إلى فقدان الأشياء، ونسيان التعليمات، وتأخير أداء واجباتهم المدرسية، وغالبا ما يبدؤون مشروعاتهم المدرسية في أوقات متأخرة من الليل؛ لذلك عليك مساعدتهم في تنظيم جدولهم وأدواتهم خطوة أساسية ينبغي البدء بها.

يمكنك أن تشتري مخططا أو لوحة كبيرة لتنظيم المهام وتوضيح مواعيد التسليم أو الانتهاء منها. كما يمكن إنشاء خزانة أو صندوقا للكتب وآخر للأدوات المكتبية، وعلى الطفل أن يضع كل ما يتعلق بالدرس الذي تم الانتهاء منه في المكان المخصص له، قبل البدء بدرس آخر.

الجدول

يمكن للآباء والأطفال العمل معا على تصميم جدول يومي ثابت في بداية كل يوم أو أسبوع، مع التأكد من تضمين الأعمال المدرسية والغداء والأنشطة الترفيهية ضمن الخطة اليومية؛ ولكن الأهم من تصميم الجدول هو الالتزام به.

الحد الزمني

لا يستطيع الأشخاص المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه معرفة مقدار الوقت الذي مر؛ لذا فلابد من تخصيص حد زمني للأنشطة وإعطاء إشارة إلى الوقت، مثل المنبه لتوجيههم بانتهاء الوقت.

وحتى إذا تطلب النشاط مزيدا من الوقت، يجب أن يتم إضافة 10 دقائق أخرى كي يدرك الطفل أن المهام دائما مرتبطة بالوقت وليست عشوائية.

المكافآت

كافئي طفلك حتى لو لم ينته من مهمته بشكل كامل، فإن لاحظت محاولته التركيز قدر استطاعته لأداء المهام، كفائيه على أن تكون المكافأة مرتبطة بانتهاء المهمة؛ لكنك تقدرين في الوقت ذاته مثابرته لتنفيذ الواجبات.

مع الحرص على أن تكون المكافأة مُرضية لطفلك، لا أن تكون مجرد ما هو متاح لديك. فإذا كان طفلك لا يحب الشوكولاتة، فهي بالتأكيد ليست مكافأة محفزة له.

أمثلة واقعية وقصص نجاح

الطفل المصاب بفرط الحركة لا يعني بالضرورة الفشل في الدراسة أو التأخر في المستوى، بل بالعكس، فيمتلك الطفل صاحب فرط الحركة خصائص مميزة وفريدة تساعده على التعلم إذا تم توجيهه بشكل صحيح.

ففي مثال من أرض الواقع كان الطفل سيف يعاني من اضطراب فرط الحركة التي اكتشفته الأم عندما تأخر في التحدث ونطق الكلمات عندما عرضته على أخصائيين وكلهم أجمعوا أنه مصاب بفرط الحركة وتشتت الانتباه، وكان الطفل حينها في سن دخول المدرسة.

وشعرت الأم حينها بالإحباط وفقدان الأمل في أن يتعلم الطفل بطريقة صحيحة وأن يستقبل المعلومات الموجهة إليه، لكنها لم تستسلم لليأس وتابعت حالة الطفل مع أخصائية في هذا المجال والتي اتبعت معه استراتيجيات مناسبة حسب شخصية الطفل واحتياجاته وقدراته.

وبالفعل دخل الطفل المدرسة بعدما تفهمت معلمة الفصل حالته وتابعته جيدا، وتعاملت معه بطريقة يفهمها بدون الشغط عليه، ليكون سيف من أنجب الطلاب في الفصل الدراسي نتيجة لاتباعه الاستراتيجات الفعالة في التدريس التي حجبت عنه كل الملهيات والمشتتات وتركت تركيزه كله نحو الدرس والمعلومات التي تقال.

أسئلة شائعة (FAQ)

  • ما هي أفضل الطرق لتعليم الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة في الفصل؟

تجنب تهميشه وعدم مقارنته بزملاؤه، والتعامل معه بهدوء والسماح له بالحركة في الصف بطريقة لا تؤثر على تعلم بقية الطلاب، والسماح للطفل بالخروج إلى الحمام بمعدل أكثر من زملائه، وتعزيز ممارسة التمارين الرياضية وأخذ فترات الراحة، وإعطائهم الأفضلية في أماكن الجلوس، ولا تذكر علاجاته الطبية في الفصل أبداً.

  • كيف يمكنني مساعدة طفلي على التركيز أثناء الدراسة؟

يمكنك مساعدة طفلك على التركيز أثناء الدراسة من خلال التقليل من أي مشتتات بجانبه، وإعطاؤه فترات راحة بين كل مهمة وأخرى، وتقسيم المهام الكبيرة إلى مهام صغيرة تسهل عليه إنجازها، وتشجيعه على التركيز من خلال مبدأ المكافآت.

  • ما هي أهمية التواصل مع معلمي الطفل؟

التواصل مع معلم الطفل له أهمية كبيرة في تطور حالة الطفل، فيقضي الطفل وقته ويومه كله في المدرسة مع المعلم أو المعلمة والذي يمكنه ملاحظة تطور سلوك الطفل وتحديد نقاط قوته وضعفه، مما يسهل على الآباء التعامل مع الطفل والمشاركة في تنشئته تنشئة صحيحة.

  • هل توجد موارد إضافية يمكنني الاستفادة منها؟

يمكنك الاطلاع على بعض الكتب التي تتناول فرط الحركة عند الأطفال وتأثيره على العملية التعليمية، أو مشاهدة بعض البرامج التي ناقشت هذه الحالة مثل مسلسل “خلي بالك من زيزي”.

وفي نهاية المقال، وبعد التعرف على استراتيجيات تعليم الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة والتعامل معه في البيئة التعليمية، عليك أن تبدأ مع طفلك بكل طاقة وأمل وتشجيعه على التعلم.

لا تنس المتابعة مع معلم الفصل لمعرفة مستوى طفلك وتحاول تطويره ودعمه في المنزل أيضا، فالعملية التعليمية مشتركة بين المدرسة والمنزل.

Scroll to Top