شاشة الطفل: فرصة أم تهديد؟
كما نعرف التكنولوجيا سلاح ذو حدين، تعود علينا بالكثير من الفوائد ولكن لا تخلو أيضا من السلبيات الكثيرة، وخصوصا على أطفالنا.
وكثير منا يجهل تأثير التكنولوجيا على الأطفال سواء من الجانب الإيجابي أو السلبي، وتأثيرها خصوصا على النمو المعرفي للأطفال.
وفي هذا المقال، سنطلعكم على تأثير التكنولوجيا على الأطفال من الجانبين الإيجابي والسلبي، وأثرها على النمو المعرفي للأطفال فهو من أهم مقومات نمو الأطفال في عمر مبكر.
تأثير التكنولوجيا على النمو المعرفي للأطفال
أثبتت العديد من الأبحاث والدراسات أن التكنولوجيا تؤثر على طريقة تفكير الأطفال ونمو أدمغتهم وتطورها، وعلى عكس توقعاتنا فتحفز التكنولوجيا الدماغ لتفحص المعلومات وتخزينها بشكل سريع وبكفاءة عالية، وذلك اعتمادا على نوعية المحتوى التكنولوجي وطريقة تقديمه للأطفال.
وتعمل التكنولوجيا على زيادة حصيلة الطفل المعرفية، فيكتشف ثقافات ومعلومات تاريخية مختلفة عن مختلف الدول، كما تنمي ألعاب الألغاز وحل المسائل الرياضية من خلال التكنولوجيا والهواتف المحمولة التفكير النقدي والتحليلي عند الطفل.
كما يمكن للتكنولوجيا أن تعزز مهارة التخيل البصري باستخدام تطبيقات مثل Google Earth للتعرف على خرائط البلاد.
وأظهرت الدراسات أن استخدام التكنولوجيا بشكل مكثف يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في بنية الدماغ، خاصة في المناطق المسؤولة عن الانتباه والذاكرة والتعلم، كما يمكن للألعاب الإلكترونية أن تحفز مناطق معينة في الدماغ والتي تكون مسؤولة عن الحركة والمهارات البصرية والتفكير السريع.
وعند اعتماد الأطفال على التكنولوجيا بشكل كبير، فذلك يؤثر على تطور أعصاب المخ للطفل، فهو يوفر الطاقة بالأعصاب المستخدمة بشكل كبير من جانب الطفل، ويهمل أعصابا أخرى ويضعف نموها بسبب إهمالها والتركيز على المستخدمة فقط.
المبالغة في الاعتماد على أي شيء يفسده، فعند تعرض طفلك بكثرة للتكنولوجيا يمكن أن يؤثر على دماغه بالسلب، لكن في حال استخدامها بتوازن يحصل الطفل على العديد من الفوائد لدماغه والتي تدعم التعلم والتركيز والانتباه.
فوائد التكنولوجيا في التعلم
تعود التكنولوجيا على الطفل بالعديد من الفوائد في العملية التعليمية، ومنها:
- توفر التكنولوجيا وما تحتويه على وسائط تعليمية مرجعا دائما في أي وقت يحتاج فيه الطفل هذه المعلومات، فيمكنه استرجاعها في أي وقت.
- تعزز التكنولوجيا من التعليم والتعلم، فهي توفر أدوات تعليمية متنوعة تجعل التعلم أكثر تفاعلية ومتعة للأطفال، فالبرامج التعليمية والألعاب الإلكترونية تساعد في تطوير مهارات الأطفال اللغوية والرياضية وحتى العلمية.
- مع تدخل التكنولوجيا حتى في حياة أصغر فرد في المجتمع وهو الطفل، فهو بذلك يتعلم كيفية استخدام الحواسيب والأجهزة الذكية، مما يمهد له الطريق لمستقبل مهني رائع يعتمد على التكنولوجيا في المقام الأول.
- توفر التكنولوجيا منصات متنوعة للتعبير الإبداعي، مثل التطبيقات التي تسمح بالرسم الرقمي وصناعة الموسيقى، أو تعلم التصميم والبرمجة في سن مبكرة، فهي بذلك تحفز الإبداع والتخيل لدى الطفل.
- يوفر الإنترنت إمكانية الوصول إلى مصادر معرفية كثيرة لا حصر لها، مثل الموسوعات الإلكترونية والكتب والدورات التعليمية، مما يضمن للأطفال توسع آفاقهم المعرفية والثقافية.
- تقدم التكنولوجيا حلولاً متنوعة تناسب أساليب التعلم المختلفة، سواء كانت بصرية أو سمعية أو تفاعلية، مما يجعل التعليم أكثر فعالية للأطفال.
- وعند استخدام الأطفال للتكنولوجيا، يعزز ذلك من مهاراتهم في حل المشكلات واتخاذ القرارات، فضلا عن تعلم كيفية استخدام الأجهزة والتطبيقات بمسؤولية.
- تتيح التكنولوجيا في سن مبكر للطفل البدء في التعلم الإلكتروني المبكر، من خلال الكورسات أو البرامج التعليمية.
- يستطيع الأطفال من خلال التكنولوجيا استكشاف متاحف العالم وهم في أماكنهم باستخدام Google Arts & Culture.
سلبيات الإفراط في استخدام التكنولوجيا
ربط الكثير من العلماء بين الاستخدام المفرط للتكنولوجيا وحدوث السلوكيات الخطيرة لدى الأطفال وغيرها من تقلبات المزاج والاكتئاب والإدمان، فتعرض الطفل للوسائل التكنولوجية بشكل كبير عن اللازم فيكونوا معرضين لآثار سلبية كثيرة، منها:
- تكسير الروابط العاطفية بين الأطفال ووالديهم، وذلك ما أثبتته الدراسة المنشورة في طب الأطفال في عام 2010.
- ويؤدي الاستخدام المفرط للتكنولوجيا في زيادة نسبة الدهون والسمنة لدى الأطفال، بالإضافة إلى تناقص ساعات النوم لديهم، وذلك حسب الدراسة التي نشرت في جامعة ولاية إلينوي عن أستاذة علم الحركة والترويح.
- كما تزيد كثرة التعرض التكنولوجيا من خطر التدخين وتعاطي المخدرات في المستقبل، طبقا لدراسة نشرت في جامعة كوين في كندا.
- ارتفاع معدلات التوتر وارتفاع ضربات القلب، فتؤثر المشاهد العنيفة التي يمكن أن يتعرض لها الطفل من ألعاب الفيديو على مستويات التوتر لعدم قدرتهم على تمييز حقيقة ما يروه.
- ونتيجة للإفراط في استخدام التكنولوجيا ليلا، يعاني الأطفال من قلة النوم، وقد ترتبط برفع معدلات الإكتئاب.
- كما يعمل الإفراط في استخدام التكنولوجيا للأطفال، إلى إصابتهم باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD.
- كما لاستخدام التكنولوجيا المفروط العديد من الآثار الاجتماعية على الطفل، فيصاب الطفل بالضعف العاطفي في فترة الطفولة، ويكون معزولا عن الآخرين فتضعف علاقاته ومهاراته الاجتماعية.
- يصبح الطفل نتيجة تعرضه لشاشات التكنولوجيا كثيرا منطوي لا يقدر على التعبير عن نفسه، ولا يستطيع الانخراط المجتمع.
- كما يطرح استخدام التكنولوجيا المفرط للأطفال، مشكلات الأمان والخصوصية، فيمكن أن يتعرضوا لمحتوى غير مناسب لأعمارهم، وأن يكونوا غير واعين لأهمية خصوصية بياناتهم فيشاركوها مع أي شخص عبر الإنترنت.
- كما يتعرض الأطفال لمخاطر الاحتيال والخداع، والاستغلال الإلكتروني لأهداف غير أخلاقية.
دراسات علمية في آثار التكنولوجيا السلبية على الأطفال
- أثبتت دراسة أجريت عبر التخطيط المقطعي لدماغ الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة والروضة، لدراسة تأثر أدمغتهم مع استخدام الوسائط على شاشات التكنولوجيا.
ووجدت الدراسة أن هناك ارتباطًا وثيقا بين زيادة استخدام الوسائط على الهواتف المحمولة وأجهزة التكنولوجيا المختلفة وبين انخفاض سلامة البنية المجهرية لمسارات المتدة البيضاء في دماغ الأطفال، وهذه المسارات التي تكون مسؤولة عن دعم التعلم واكتساب اللغات ومهارات القراءة والكتابة.
فضلا عن بعض المخاطر البيولوجية العصبية عند الأطفال التي تنتج من كثرة تعرضهم للتكنولوجيا، والذي يؤثر بشكل كبير على كيفية لعب الأطفال وتعلمهم وتكوين العلاقات مع الأخرين.
- وأثبتت دراسة أخرى أجريت في معهد سنغافورة للعلوم السريرية، أن تعرض الأطفال لشاشات التكنولوجيا لوقت طويل، يؤثر على يقظتهم وتحكمهم في عواطفهم، بالإضافة إلى اتباع التعليمات وأداء المهام المطلوبة منهم.
وأظهرت نتائج الدراسة، أن الأطفال الذين تعرضوا للشاشات لفترة أطول، كانت لديهم موجات منخفضة التردد المسؤولة عن حالة اليقظة عند الأطفال، كما أشارت الدراسة إلى أن مقاطع الفيديو على شاشات الأجهزة والأضواء الساطعة تعيق نمو الدماغ وتؤثر على وظائفه.
كما ذكر الباحثون أن قضاء وقت طويل على الأجهزة التكنولوجية، تسبب الارتباك للأطفال وتعيق تطوير مهاراتهم المعرفية.
كيفية استخدام التكنولوجيا بشكل صحيح
لتعود طفلك على الاستخدام الإيجابي المتوازن والثحي للتكنولوجيا، عليك أن تتبع بعض النصائح الهامة، وهي:
- يجب تحقيق توازن في استخدام التكنولوجيا لدى الأطفال لضمان تطورهم الصحي، فلابد من وضع حدود زمنية لاستخدام الأجهزة التكنولوجية.
- وتشجيع الأطفال على تقضية الوقت في ممارسة الأنشطة البدنية والتمارين الرياضية بدلا من الوقت الضائع على الأجهزة.
- لابد من توجيه الطفل لاستخدام التكنولوجيا بالطرق الصحيحة والاستفادة منها في التعلم والتفكير الإبداعي بعيدا عن التسلية وملء الفراغ.
- عليك أن تعلم طفلك كيفية التصرف بأمان على الإنترنت، وتعريفه بمبادئ الخصوصية وتجنب المحتوى غير المناسب.
- يجب عليك أن تشرف على استخدام طفلك للتكنولوجيا، وتعرف الألعاب الذي يلعبها والتطبيقات التي يستخدمها والمواقع التي يزورها.
- من المهم تشجيع الأطفال على الانخراط في هوايات وأنشطة، مثل الرياضة، الفن، أو القراءة، ليحصل الطفل على تجربة نمو متوازنة.
- من الضروري أن تعلم طفلك كيفية التفكير بشكل نقدي لما يتلقاه من معلومات عبر الإنترنت، وشجعه على طرح الأسئلة والبحث على المعلومات في مصادر موثوقة.
- يجب عليك أن تكون قدوة لطفلك في استخدام التكنولوجيا، فالطفل يقلد كل ما تفعله، قلل وقتك على الأجهزة ليفعل طفلك مثلما تفعل.
- يمكنك تفعيل تطبيقات حماية الطفل فهي الدرع الخفي للأباء، لحماية الأطفال من المحتوى السلبي مثل منصة “يوتيوب كيدز” أو إعدادات “اليوتيوب” التي تحدد المحتوى المخصص للأطفال، فضلا عن وضع وقت لاستخدام التطبيق، ويمكنك استخدام تطبيق Digital Wellbeing للتحكم في وقت استخدام التطبيقات.
تطبيقات ومنصات مفيدة لطفلك
يمكنك أن تحمل لطفلك بعض من التطبيقات المفيدة التي تستعده في تنمية مهاراته المعرفية، وتعزز من العملية التعليمية لديه، ومن هذه التطبيقات:
MentalUP – Educational Games for Kids
منصة تعليمية تحتوي على الكثير من الألعاب التفاعلية الترفيهية التي تساعد في تطوير المهارات المعرفية للطفل، وتعزيز ذاكرة الطفل ومهارات حل المشكلات.
علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي | Code.org
منصة تهدف إلى تعليم الأطفال البرمجة والكمبيوتر، فتقدم دورات تفاعلية وألعاب ممتعة، يستطيع الطفل من خلالها تعلم البرمجة بطريقة مرئية.
منصة تتيح للأطفال إنشاء واستخدام بطاقات العمل الرقمية، والتي لها دور كبير في تثبيت المعلومات في الذاكرة، خصوصا في تعلم الكلمات الجديدة باللغات الأجنبية.
منصة تعلم الأطفال البرمجة بطريقة مرحة وتفاعلية، فيستطيع الطفل في أي مرحلة عمرية تعلم البرمجة من الدروس المناسبة لعمره.
أهمية التفاعل الاجتماعي للأطفال
تؤثر التكنولوجيا سلبا على التفاعل الاجتماعي عند الطفل، وتقلل من علاقاته الاجتماعية ويصبح في عزلة نتيجة لاستخدامه المفرط للتكنولوجيا.
وبالرغم لما تمثله التكنولوجيا من وسيلة للتواصل، لكن يجب التوازن بين التواصل المباشر والتواصل عبر الإنترنت، فمن الضروري تحفيز الطفل للانخراط في الأنشطة الواقعية، فهي التي تنمي التناسق الحركي والبصري والسمعي للطفل، فضلاً عن المهارات الشخصية التي لا يمكن أن يكتسبها من خلف الشاشات.
من الضروري إشراك الطفل في الأنشطة الرياضية والفنية والاجتماعية خارج المنزل وفي المدرسة، ليتمكن من تكوين علاقات اجتماعية صحية.
ولابد أن تحافظ على الفترات التي يخرج بها الطفل من العالم الرقمي والتكنولوجيا إلى العالم الواقعي، فيجب أن ينخرط في التجمعات العائلية والأنشطة التفاعلية مع أصدقائه.
كما يجب أن تهتم بالعلاقات الاجتماعية لطفلك، واصطحبه معك لزيارة الأقارب والخروج في رحلات مع الأصدقاء، للحفاظ على تواصلهم مع الآخرين.
دور الآباء والمعلمين لتوجيه استخدام الأطفال للتكنولوجيا
يجب أن تضمن لطفلك استخدام صحي ومتوازن للتكنولوجيا، فعليك أن توجهه لطريقة استخدامها وتوفر له البيئة التعليمية المحفزة للاستفادة من مميزات التكنولوجيا.
فعليك كأب أو أم أن تتبع بعض النصائح الهامة لتوجيه أطفالكم للتعامل الصحيح مع التكنولوجيا، ومنها:
- في البداية لابد أن تعرف طفلك على ما تقدمه التكنولوجيا من مميزات في التعليم وتطوير الهوايات المفضلة.
- شجع طفلك على البحث عن ما يطور مهاراته المعرفية والإبداعية.
- عرف التكنولوجيا لطفلك على أنها وسيلة اتصال بالأقارب والأصدقاء وليس اللعب فقط.
- وضح لطفلك أن التكنولوجيا ما هي إلا أداة تساعدك في حياتك وليست بالشئ الأساسي.
- لابد أن تكون على دراية بالتطورات التكنولوجية والتحديات التي تواجه طفلك، لتتمكن من تقديم النصائح والتوجيهات للتحديات التي ستقابلهم.
- يتعلم الأطفال من خلال الملاحظة والتقليد، فعليك أن تكون قدوة لطفلك في استخدام التكنولوجيا، فتستخدمها في تطوير المهارات والتعلم، وتتجنب الإفراط في استخدامها.
- يجب أن تعلم طفلك كيفية استخدام التكنولوجيا وكيفية حماية نفسه من الأخطار الرقمية.
- والتحدث مع الطفل حول المخاطر التي تحملها التكنولوجيا والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، والجرائم الإلكترونية مثل الابتزاز والتنمر الإلكتروني.
- تعليم الطفل الطرق الآمنة لاستخدام التكنولوجيا، وكيفية التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي.
- فضلا عن دور المعلم الذي يعلم الأطفال كيفية التفكير النقدي عند التعامل مع المعلومات الرقمية، وكيفية استخدام الإنترنت كأداة للتعلم والتطور.
- على المدارس أن تقدم برامج توعية للأهالي حول كيفية دعم أطفالهم في استخدام التكنولوجيا بطرق إيجابية، ومتابعة أداء الطلاب الرقمي وتقديم الدعم اللازم لهم.
- يجب أن تشجع المدرسة الأطفال على استخدام التكنولوجيا في إطار منظم وتحت إشراف تربوي، وتوفير بنية تحتية مناسبة.
لذلك يجب أن تستغل دورك كأب أو كنت معلم لتوجيه أطفالك للطريق الصحيح في استخدام التكنولوجيا.
قدمنا لك دليل شامل حول تأثير التكنولوجيا على الأطفال، تعرف على مميزاتها وسلبياتها واجعل طفلك يستخدمها بشكل صحيح.
واتبع النصائح المذكورة في المقال، لتحقق أقصى استفادة من استخدام الأطفال للتكنولوجيا.
كتبت: ندى علاء