من أهم الأمور في حياة طفلك، تكوين شخصيته ونموها، ويتميز كل طفل بشخصية تميزه نتيجة لتجاربه والمواقف التي يتعرض لها.
وكل طفل يختلف في رد فعله على المواقف سواء ردود أفعال قوية أو خجولة أو انفعالية أو مزاجية، وكل نوع من هذه الاستجابات يجب أن يتعامل معها الآباء بطريقة تتناسب معها.
فيجب على الآباء تقديم الدعم والرعاية لأطفالهم تبعا لاحتياجاتهم لتكوين وتطوير شخصيتهم، خصوصا في الطفولة المبكرة منذ ولادته وحتى سن الثلاث سنوات.
وفي هذا المقال سنقدم لك استراتجيات فعالة للتعامل مع ضعف شخصية الطفل، لتدرب طفلك على قوة الشخصية والاعتماد على النفس لتضمن مستقبل مشرق له.
كيف تعالج ضعف شخصية طفلك؟
وتعتبر ضعف شخصية الطفل من أكبر المشكلات التي تواجه الآباء في التعامل مع أطفالهم، وتعرف ضعف شخصية الطفل بأن يشعر الطفل دائما بعدم الكفاءة وعدم القدرة على الإنجاز وتحقيق الأهداف، ويخاف من المخاطرة والتحديات ويعاني من صعوبة اتخاذ القرارات ويصبح تابعا للآخرين في الآراء والقرارات، ويتجنب التفاعل الاجتماعي ودائما يشعر بالوحدة.
كيف تعرف أن طفلك ضعيف الشخصية؟
قد تلاحظ على طفلك بعض السلوكيات والصفات التي تدل على ضعف شخصيته، مثل:
- مهارات التواصل
يمكنك أن تعرف أن طفلك ضعيف الشخصية إذا لاحظت عليه بعض الأعراض والصفات، مثل ضعف مهارات التواصل والتي تميز الطفل ضعيف الشخصية عن القوي الشخصية، فيعاني الطفل ضعيف الشخصية من صعوبة التواصل مع الآخرين حتى المقربين، فضلا عن صعوبة التفاعل مع الأقارب والأصدقاء والحديث معهم، وترتبط مهارات التواصل عند الطفل بمستوى الثقة في نفسه، فعند تحسين التواصل للطفل يجب أولا زرع الثقة في نفسه والتدريب على التواصل الجيد مع الآخرين.
- الخجل
تجد الطفل ضعيف الشخصية يشعر دائما بالخجل ويزيد عنده لدرجة القلق، في المواقف الغير معتاد عليها وعند التعامل مع الآخرين، وعند التحدث أمام الكثير، فيشعر الطفل بالتقيد العصبي في مثل هذه المواقف، ويحب ألا ينضم لمثل هذه التجمعات ويكتفي بمراقبتها من بعيد.
ويجب على الوالدين مساعدة طفلهم على التغلب على الخجل، والتحكم في العواطف وتوجيههم لاتخاذ مبادرات في هذه المواقف ليكسر حاجز الخجل.
- الكذب وتزييف المشاعر
دائما ما تلقى الطفل ضعيف الشخصية يميل إلى الكذب وتزييف المشاعر، ويعتقد الآباء أن أطفالهم يكذبون للحصول على شئ ما، أو لتجنب العقاب على شئ فعلوه أو التهرب من مسؤولية فعل سئ، وعلى الوالدين أن يدركوا السبب الذي يجعل طفلهم يكذب حتى يصبحوا قادرين على معالجة هذه الصفة عنده، لأنها من أبرز الأمور التي تدل على ضعف شخصية الطفل.
- الانفعالية
تظهر مشاعر الانفعال عند الأطفال كالحزن والغضب المفرط والزائد عن حده، ويعتمد الانفعال على عمر الطفل وقوة الموقف الذي يمر به، والانفعال يؤدي بالضرورة إلى ضعف شخصية الطفل.
أسباب ضعف الشخصية عند الأطفال
- يمكن أن يؤدي عزل الطفل لتكوين شخصية ضعيفة، فعدم السماح للطفل بالانخراط مع الآخرين من جيله يجعله يعاني من ضعف الشخصية.
- قد يؤدي التعامل بعنف سواء كان لفظي أو جسدي أو معنوي كإخضاعه للعقاب إلى لتكوين شخصية ضعيفة للطفل.
- يعمل تفكك هيكل الأسرة والمشكلات الواقعة بين أفراد الأسرة إلى إضعاف شخصية الطفل وتذبذبها.
- إذا قارنت طفلك بأطفال أخرين كإخوته أو أقاربه أو أصدقائع لتوبيخه أو نصحه وتوجهيهه، فهذا بيؤدي إلى ضعف شخصية الطفل والتشكيك في قدراته.
- الجو الأسري السلبي، والذي يتمثل في تعامل الوالدين مع بعضهم وتوجيه الانتقادات لبعضهم وإبراز المشاعر السلبية فقط.
- تشكيك الطفل بقدراته، وعدم ثقة الوالدين بقدرات الطفل وتوقاعتهم السلبية لسلوكه وتصرفاته باستمرار، يقع عبئا كبيرا على الطفل ويقلل من ثقته بنفسه.
- عدم قدرة الوالدين على دعم وتشجيع طفلهم، وهي الطريقة الأساسية لتنمية مهاراته ومواهبه التي يمتلكها، وهو الذي ينبع من عدم اهتمامهم بطفلهم أو قلة وعيهم بأهمية التشجيع والتحفيز.
- تدخل الأهل في كل جوانب حياة الطفل وتقييد حريته والإفراط في حمايته، وهذا ما يجعل الطفل يشعر بالخوف وتجربة أي شئ جديد.
- منع الطفل من تجربة من الأمور التي تشعره بالمسؤولية حتى لو كانت بسيطة مثل أعمال المنزل.
- عدم إعطاء الطفل فرصة للتعبير عن رأيه، واضطهاده دائمًا.
أهمية تقوية شخصية الطفل
تعتبر تقوية شخصية الطفل من الأمور الهامة التي تشكل مستقبل الطفل وتؤثر فيه، فعندما تكون شخصية الطفل قوية، يمكنه أن:
- يواجه التحديات والتعامل مع الصعوبات في المواقف والظروف الصعبة في المستقبل وهو واثق من نفسه.
- الشعور بالثقة بالنفس واتخاذ القرارات السليمة بكل ثقة واستقلالية.
- يشعر بالاستقلالية والاعتماد على نفسه في كل الأمور.
- يصبح قادرا على التواصل مع الأخرين وبناء علاقات اجتماعية صحية وقوية.
- ينجح أكاديميا ومهنيا، ويصبح مميزا في الدراسة ومجال العمل في المستقبل.
- يشعر بالسعادة والصحة النفسية وبناء شخصية متوازنة.
الفوائد النفسية والاجتماعية لتقوية شخصية الطفل
تعود شخصية الطفل القوية عليه بالكثير من الفوائد النفسية، مثل شعوره بالثقة في نفسه وقدراته، يستطيع الطفل حل المشكلات ومواجهة الصعوبات التي يمكن تقابله في المستقبل، يصبح الطفل مستقل ذاتيا وقادرا على تحمل المسؤولية تجاه نفسه والآخرين، وعند شعور الطفل يقوة شخصيته، فهو يشعر بالأمان وتقل مظاهر الاكتئاب والقلق عنده.
أما عن الفوائد الاجتماعية، فيشعر الطفل عندما يكون قوي الشخصية بتحسن في علاقاته الاجتماعية ويتعامل بشكل أفضل مع الآخرين، تستطيع تكوين علاقات صحية وقوية، يصبح الطفل أكثر مرونة وقادرا على التكيف مع أي تغييرات وظروف يمكن أن تطرأ لحياته.
فضلا عن النجاح الأكاديمي والمهني، فالأطفال ذوي الشخصيات القوية يحققون نتائج أفضل في الدراسة والعمل، ويكونوا أكثر استعدادًا للتعلم والتطوير.
استراتيجيات تقوية شخصية الطفل
عليك أن تستمع جيدا لطفلك، والاهتمام بما يقوله وإعطائه المساحة للتعبير عن رأيه ونفسه، مما يشعره بالثقة بالنفس والأمان، ويصبح مستقل وقوي الشخصية.
إعطاء الطفل الحرية وتركه يلعب بحرية بدون قيود، من خلال تركه يختار اللعبة الرياضية التي يرغب التدريب عليها، والسماح له باللعب من الأطفال في الأماكن العامة والحدائق، وهذا ما ينمي قدراته في المشاركة وبناء الاهتمامات وتعلم مهارات جديدة.
تحديد وقت معين للطفل لمشاهدة التلفزيون واستخدام الهواتف والأجهزة الذكية، لأن الإكثار من مثل هذه الأشياء يضعف قدرات الطفل العقلية والاجتماعية، وتؤثر على جودة نومه مما يقلل من تركيزه وانتباهه. واحرص على أن يكون وقت طفلك في التعامل مع الآخرين في العالم الواقعي لا في العالم الافتراضي.
شجع طفلك على أن يكون نفسه ولا يقلد الأخرين أو يكون نسخة منكم أو من أحد أخر، فلكل طفل شخصيته المميزة والفريدة.
لا تطلق الألقاب السلبية على طفلك، فهو يتأثر كثيرا بكلمات الوالدين، فسيصدق ما تقوله مع مرور الوقت حتى لو كانت في أوقات الغضب، تجنب جرحه بالكلمات القاسية.
شارك الطفل اهتماماته، ومارس معه الأنشطة المختلفة التي يحبها، مما يقوي من علاقتكم ويسمح للطفل بنمو صحي.
تقبل طفلك كما هو، ولا تفرص عليه توقعاتك المثالية، وهذا ما يؤثر على الطفل إيجابيا ويشعره بتقبل نفسه، بدلا من شعوره بالحزن عند الخسارة.
يجب عليك أن تكون قدوة لطفلك، التزم أمامه بالأخلاقيات التي تعلمها له وابتعد عن الأفعال الخاطئة التي تكون ناقدة لما تقوله له.
امنح طفلك الاهتمام الكافي وضعه على رأس قائمة أولوياتك واهتم بتنمية مهاراته.
تعليم الطفل تقبل الأخطاء فلا بأس بارتكاب الأخطاء والمحاولة من جديد لإصلاح الأخطاء وتفاديها مستقبلًا.
علم طفلك القوة العقلية مثل المرونة، والشجاعة، والثقة بالنفس، والإيمان بقدراته، من خلال التدريب على المواقف التي يحتاج فيها الطفل الاعتماد على نفسه.
علم طفلك كيفية التحكم بمشاعره، والسيطرة عليها وذلك في مقابل أن تسيطر عليه عواطفه ورغباته التي تقود لقرارات وأفعال خاطئة.
تعليم الطفل مواجهة مخاوفه مهما كانت، والقضاء عليها، حتى لا تسيطر عليه فيما بعد.
حاول تثقيف نفسك بقراءة كتب عن أسس التربية، وتصفح المواقع الإلكترونية الموثوقة، ومشاهدة البرامج التربوية، مما يساعدك في تربية طفل قوي.
وضع القوانين التي تجدها مناسبة لعمر الطفل، مثل قواعد للنوم والأكل واللعب، سيكسبه القدرة على الالتزام، وإنهاء المهام المطلوبة منه لاحقًا،
يجب الانتباه إلى عقوبات الطفل، فمن الضروري أن تكون العقوبة مناسبة للخطأ الذي ارتكبه الطفل، عليك استخدام أساليب الحوار والإقناع بدلًا من الرفض دون مبرر أو سبب.
دور الأهل والمدرسة في تقوية شخصية الطفل
للأهل دور كبير في تقوية شخصية الطفل ومساعدته على تنمية مهاراته الاجتماعية والنفسية، فهم المعلم الأول والأساسي لهم، ويبرز دور الأهل في:
- تقديم الدعم والثقة للأطفال، فمن الضروري أن يكون الآباء إلى جانب أبنائهم بتنمية شخصياتهم، وذلك عن طريق التحدث معهم.
- إظهار لطفلك مشاعر الحب، لأنهم عندما يشعرون بأنهم محبوبون يخلق ذلك فيهم مشاعر طيبة تجاه أنفسهم، فهم يكتسبون احترام الذات من المنزل وليس من الأخرين بالخارج.
- يحتاج الأطفال إلى الاهتمام الكامل من والديهم، ليتمكنوا من بناء شعور قوي بتقدير الذات، وذلك عن طريق ترك الهواتف جانبا والاهتمام بالطفل وقت أطول مما يوفر مناخا جيدا.
- الحصول على الدعم العاطفي من خلال دفعات إيجابية في بداية اليوم، وأبسط طريقة لتقديم الدعم العاطفي قول إلى اللقاء أثناء مغادرة المنزل أو الترحيب بالطفل عند العودة.
- تقديم نموذج للقدوة الحسنة للأطفال، مثل كيفية التصرف في المواقف المختلفة والتحلي بالقيم الأخلاقية الجيدة أمام الطفل.
- تعليم الطفل حل النزاعات بنفسه دون تدخل من الوالدين، خصوصا لو كان النزاع مع أطفال في نفس عمره، من خلال الحوار المتبادل وحل المشكلة، وهذا ما يبني عند الطفل الثقة بالنفس.
- تشجيع الطفل على الاستقلال وتحمل المسؤولية لأفعالهم واتخاذ قراراتهم الخاصة، والتعلم من الأخطاء.
- تحفيز الطفل على اكتشاف مواهبه واهتماماته وهو ما يعزز وعيه بنفسه وبما يحب، وتشجيعه على ممارسة هواياته والموازنة بينها وبين حياته.
دور المدرسة
للمدرسة دورا كبيرا في تشكيل وبناء شخصية الطفل، فهي تزرع بداخله العديد من الأثار النفسية التي يتعلمها بقضاء الوقت في المدرسة مع زملائه.
تقدم المدرسة فرصة للطفل للاعتماد على نفسه وزيادة ثقة بنفسه، بعد أن كان معتمدا اعتمادا كليا على والديه في المنزل، فيصبح في المدرسة وحده يتحمل مسؤولية نفسه ويعبر عن أرائه بصوت مرتفع أمام الجميع.
تعمل المدرسة على زرع قيم الاحترام والمسؤولية في نفوس الأطفال، من خلال تعليمهم النظام وكيفية التعامل مع الآخرين باحترام.
على الرغم من أن الطفل يكون تحت أنظار المعلمين في جميع الأوقات لحمايته، لكنه يشعر بأنه هو المسؤول عن نفسه في المدرسة ولا يوجد أي أحد قادر على مساعدته.
تساهم المدرسة في تكوين الشخصية القوية للطفل، وتعويده على الاستقلال بنفسه بعيدا عن أهله في أفعاله وتصرفاته، وتمنحه المساحة للتعبير عن أفكاره وخياله.
تعمل المدرسة على توجيه الطفل دون أن يعي نحو الاتجاهات الصحيحة، وتزرع بداخله القيم الإنسانية، وتترك له مجال للتعبير عن شخصيته ورأيه، وتدعم مواهبه وتحفزه على تطويرها.
أنشطة مدرسية لتعزيز الثقة بالنفس
الدفتر التفاعلي
يتم عمل دفتر ملاحظات ووضعه على طاولة في الفصل الدراسي أمام الأطفال، ويسجل الأطفال الأفكار الجيدة حول كيفية التعامل مع الغضب أو التنمر، فضلا عن إضافة مقترحات لأعمال تشجّع على اللطف والاحترام، وكيفية إظهار احترام المعلم.
ويراجع المعلم دفتر الملاحظات بانتظام لتعزيز السلوك الجيد لدى الأطفال. وهذا النشاط يساعد الطفل على زيادة شعوره بالأهمية لأفكاره وآرائه، ويفهم معنى المسؤولية وقدرته على صناعة التغيير.
لعب الأدوار
مساعدة الأطفال على تقديم دور مسرحي حول قضية معينة وقع عليها الاختيار، ليكون الهدف منها ترفيهي تعليمي بحيث يستطيع الأطفال التعبير عما يدور بخاطرهم ويعبرون عن مشاعرهم، وخلال العرض المسرحي يقدم المعلم للأطفال بعض القيم والمهارات الإيجابية التي سترسخ في ذهنهم.
ادفع إلى الأمام
يوجه المعلم الأطفال نحو فعل سلوك معين وأمر طيب تجاه شخص أخر، ومناقشة هذا التصرف مع الأطفال، والطلب من الأطفال أن يقترحوا سلوكيات وأمور طيبة يمكن تقديمها للغير وتطبيقها معا في الفصل الدراسي.
ويمكن أن يقترح المعلم أنشطة تعاونية بين الأطفال مثل تنظيف الغرفة الصفية، أو ترتيب الألعاب، ويقوم المعلم بتبديل الأدوار بين الأطفال وترك الفرص لمساعدة بعضهم البعض.
وصفة للنجاح
وهي عبارة عن جلسة عصف ذهني جماعي للأطفال، وترك الحرية للأطفال في الرسم والكتابة عن صفاتهم الشخصية، ورسم الصفات الجيدة والتعبير عنها، ويمكن صناعة لوحة وتعليقها على الحائط حول الصفات الجيدة ليتذكرها الأطفال.
وفي الختام، وبعد أن تعرفنا على أهمية أن يكون الطفل قوي الشخصية، عليك أن تتبع طفلك الاستراتيجيات المذكورة في المقال لتقوية شخصيته إن كانت ضعيفة.
فقوة الشخصية ستعود عليه بالنفع والفوائد الكثيرة في المستقبل.
كتبت: ندى علاء