كيف تتعامل مع مشكلة السرقة عند الاطفال بطرق إيجابية

ما هي أسباب السرقة عند الاطفال؟

السرقة عند الاطفال هي واحدة من المشاكل التي تواجه الآباء والأمهات في مرحلة الطفولة لدى أبنائهم، ومما لاشك فيه أن جملة ( ابنك يسرق) تضايق كلا منهما، وقد تؤدي إلى عدم التعامل بشكل صحيح مع الطفل لعلاج هذه المشكلة.

فقد يلجأ أحد الأبوين إلى تبويخ الطفل أمام أخوته والتشهير به، هذا بالإضافة إلى أنه قد يتم شتمه بأقبح الألفاظ مثل ياسارق، ويا حرامي، كل مثل هذه الألفاظ قد تؤثر على صحته النفسية طوال حياته، لذلك يجب توخي الحذر عند التعامل مع هذه المشكلة، ويجب معرفة السبب الذي دفعه إلى هذا الأمر، حيث أن علاج مشكلة السرقة عند الاطفال يختلف باختلاف السبب.
ويجب على الوالدين فهم أن الطفل في المرحلة العمرية من 2 إلى 4 لا يفهم معنى السرقة، حيث أنه يمكنه أخذ شئ علانية أمام الأخرين دون أن يدرك أنه لا يجب أخذ هذه الأشياء من أصحابها دون أستآذان أو دفع ثمنها في حالة أخذها من المحلات التجارية، ومن خلال الأسطر التالية سنلقي الضوء على هذه المشكلة فلنتابع سويا.

مفهوم السرقة عند الاطفال

السرقة عند الاطفال هي أخذ ممتلكات الغير دون وجه حق وبدون أستآذان الشخص، وبدون وجود نية لإرجاعها، والسرقة عند الطفل هي سلوك مكتسب وليس وراثي أو صفة موجودة بالفطرة.

وصرح الكثير من علماء النفس مثل الدكتور أيمن فرج البرديني أستاذ علم النفس بكلية الآداب بجامعة عين شمس أن السرقة عند الاطفال هي سلوك مرضي ناتج عن حاجة نفسية للطفل ويحتاج إلى اشباعها.

ويبدأ هذا السلوك بشكل واضح عند بلوغ الاطفال عمر الـ 4 سنوات، ويكون هذا السلوك بالنسبة للطفل في هذا العمر سلوك عفوي لم يدرك مدى خطورته، لأنه لم يصل إلى سن النضج الذي يستطيع أن يفرق بين ممتلكاته وممتلكات الآخرين.

لذلك نجد أن بعض الأطفال قد يسرق لعب أطفال أخرون، أو يأخذ تلك الألعاب التي توجد بقاعة الألعاب، وفي هذه المرحلة العمرية لا يعد هذا السلوك سرقة، ولكن يعتبر ذلك السلوك سرقة عندما يبلغ الطفل نسبيا ويصل عمر الطفل خمس سنوات تقريبا، وذلك لأنه حينئذ يمكنه فهم أن هذا السلوك خاطئ.

أسباب السرقة عند الاطفال

يوجد العديد من الأسباب لـ السرقة عند الاطفال، وفيما يلي سنذكر أبرزها:-

1- الجهل بمعنى الملكية

حيث أنه عندما يقوم الطفل في الحضانة بسرقة لعبة زميله لا يقوم بذلك بدافع السرقة، ولكن يجهل في وقتها لا يفهم الفرق بين ما يمتلكه هو وما يمتلكه الأخرون، ولا يدرك في وقتها أنه قام بفعل عمل مشين أو مذموم.

وذلك لأنه اعتاد في منزله أن كل ما يوجد به ملكا له حيث أنه عندما يشتري الأب مجموعة من الألعاب أو لعبة واحدة ليلعب بها جميع الاطفال ظنا من الآباء بأن بهذا السلوك يعلمونهم الإيثار بدلاً من الأثرة.

وفي حقيقة الأمر أنهم بذلك يربكون طريقة تفكيرهم، ويكون ذلك نتيجة نمو شعور الملكية وظهوره في وقت باكر من العمر لدى الطفل، ويجب أن نشجع الشعور بالملكية عندما تظهر عنده، ولكن بشكل غير مبالغ فيه حتى لا يتحول هذا السلوك إلى أنانية، ولكن يجب التعامل بحرص بحيث لا يمكن هدم كل ما سبق عندما نجد أن الطفل تتملكه الأنانية وذلك لأن الطفل سيكون غير قادر على فهم حقوقه وحقوق غيره.

ولكن يجب علينا نحن البالغين أن نبدأ بأنفسنا في احترام حقوق الطفل وخصوصيته حتى لا يتجرأ هو على التعدي على حقوق الغير، ويكون ذلك من خلال عدم استعمال أشيائه مثل أن يكون له الأطباق الخاصة به، وملابسه الخاصة، ألخ.

2- الفقر والحرمان

من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى السرقة عند الاطفال، حيث أن الدافع وراء السرقة في هذه الحالة هو سد الرمق لشئ معين يحتاجه الطفل.

حيث أن هؤلاء الأطفال معظهم يعيش عيشة الكفاف، أو أنهم يعملون بأجور زهيدة، وهذا النوع من السرقة يمكن علاجه بكل سهولة، حيث أنه بمجرد معالجة السبب الذي يدفع الطفل للسرقة يتوقف الطفل عن ذلك.

3- التقلييد

فقد يسرق الطفل تقليدا لبعض الأشخاص التي توجد في حياته مثل الأب أو الأم، وذلك عندما ينشأ الطفل في بيئة إجرامية فيسعد الوالدين بابنهم الذي سلك نفس طريقهم بل يشجعانه على ذلك، مما يجعل الطفل يتمادى في ذلك ويشعر بالسعادة عند قيامه بالسرقة.

أو يكون تقليد إلى تلك الأم التي يراها الطفل تمتد يدها إلى حافظة الأب لتأخذ من النقود في سرية كاملة وكتمان شديد.
وقد يكون تقلييد الطفل للسرقة نتيجة تأثره بمشاهدة بعض الأفلام في التلفاز والتي تبين أن السارق بطل خارق يستطيع أن يقوم بالعديد من الأعمال التي عجز عنها غيره، فمثل هذه الأفلام تكون نماذج سيئة لا يجب أن يشاهدها أبنائنا.

4- الغيرة والانتقام من الآخرين

في بعض الأحيان قد يلجأ الطفل إلى السرقة بدافع الانتقام أو الغيرة، فعلى سبيل المثال قد يسرق الطفل من أبيه بسبب قسوة أبيه عليه في المعاملة، فيسرق أبيه كنوع من الانتقام منه بسبب معاملته القاسية، كما يكون نوع من التمرد من الطفل على سلطة أبيه عليه.

وفي بعض الأحيان يلجأ الطفل إلى السرقة من والديه نتيجة شعوره بعدم الاهتمام وفقده لشعور الأمن والطمأنينة نتيجة التفكك الأسري وبعض الاضطرابات التي تحدث في الأسرة، وتكون السرقة كتعويض مادي لم يفتقده الطفل من والديه من اهتمام وأمن وطمأنينة.

وقد يتسبب شعور الطفل بالغيرة إلى دفعه للسرقة، في بعض الأحيان يلجأ الطفل لسرقة أشياء لا معنى لها من زملائه، ويكون ذلك نتيجة تمييز المعلم لزميله عنه أو الشهادة له بحسن الخلق، ففي هذه الحالة يسرق منه من قبيل الإيذاء وليس لاشباع حاجة لديه.

5- الخوف من العقاب

فيمكن للطفل أن يسرق من أحد والديه النقود نتيجة خوفه من العقاب الذي سيقع عليه نتيجة حدوث أمر ما، مثل أن يكون الطفل يلعب في الشارع مع أصدقائه بكرته ثم يفقد الكرة لأي سبب من الأسباب، فيسرق النقود من أحد والديه من أجل الخروج من المأزق ولكي يأمن عقاب والديه.

6- التدليل الزائد

عندما يعتاد الطفل على تلبية طلباته ومرة واحدة يفاجئ بالمنع لأي سبب من الأسباب فإنه قد يلجأ للسرقة من أجل الحصول على ما يريد، ومن أكثر الأسباب التي تجعله يستمر بهذا الفعل هو عدم عقاب والديه له بالأسلوب المناسب عن هذا الجرم، ويبرران ذلك بأنه ما زال صغير ولا يدرك ما يفعل.

7- التفاخر والتباهي

يوجد بعض الأطفال الذين يعانون من حالة مادية صعبة لذلك فهم لا يمتلكوا مثل تلك الألعاب التي يمتلكها زملائهم أو الساعات أو الهواتف المحمولة كل هذه الأمور قد تدفعهم إلى سرقة هذه الأشياء من الآخرين أو ربما أفضل منها، وذلك من أجل التباهي بها أمام زملائهم وعدم الشعور بالنقص.

8- هوس السرقة

وهذا السبب هو من أكثر الأسباب التي يصعب علاجها، وذلك لأنه لا يوجد دافع حقيقي وراء السرقة، فبالرغم من أن الأباء دائما يسعوا لمحاولة اشباع حاجة طفلهم إلا أنه لا يملأ عينه أي شئ، بل تمتد يده إلى كل ما تقع عينيه عليه، وفي هذه الحالة يجب اللجوء إلى طبيب نفسي لأن مثل هذه الحالات تسمى بالحالة المرضية.

أساليب الوقاية من مشكلة السرقة عند الاطفال

يوجد العديد من الأساليب التي يمكن اتباعها من أجل الوقاية من مشكلة السرقة عند الاطفال، وفيما يلي سنذكر أبرزها:-

1- تعليم القيم

يجب على الأهل أن يعلموا أطفالهم القيم والعادات الحميدة، بالإضافة إلى الحرص على توعيتهم أن الحياة للجميع ولا تقتصر على فرد واحد، وكذلك حثهم على المحافظة على خصوصية وممتلكات الآخرين حتى في حالة عدم وجودهم.

كما يجب غرس الأمانة في نفوس هؤلاء الأطفال، ولا تقتصر هذه المهمة على الوالدين فقط بل هي واجب المجتمع ككل، المعلم في المدرسة والوالدين في المنزل، ويكون ذلك من خلال سرد القصص عليهم، فعندما ينشأ الطفل في بيئة جيدة تحث على الأمانة والصفات الحميدة لن يكون سارق بالطبع.

2- يجب أن يكون هناك مصروف ثابت للطفل

ويكون ذلك من خلال تخصيص مبلغ من المال خاص بالطفل حتى إن كان هذا المبلغ صغير، وذلك لكي يشعر الطفل بأنه إذا احتاج إلى أنه يشتري شئ فإنه يوجد معه ما يستطيع أن يشتري به.

3- عدم ترك أشياء تدفع الطفل للسرقة

وهذا الأسلوب هو واحد من أهم الطرق التي تقي من مشكلة السرقة عند الاطفال، ويكون ذلك بعدم ترك أي أمر يمكن سرقته بطريقة تسهل سرقته.

4- تقوية الثقة والعلاقات بين الأهل والأبناء

يجب أن تكون العلاقات بين الأبناء والأهل يكللها الحب والتفاهم والثقة، حيث أن قوة العلاقة تجعل الطفل يطلب من والديه ما يحتاجه دون أن يشعر بالخوف أو التردد.

5- الإشراف المباشر على الطفل

من أهم الطرق التي تقي من مشكلة السرقة عند الاطفال هو مراقبة الطفل وتصرفاته بطريقة مباشرة، وذلك من أجل اكتشاف موضوع السرقة في وقت باكر، ومعالجة الأمر بشكل سريع.

ويجب على الآباء أن يساعدوا أبنائهم في اختيار زملائهم بحيث يتم اختيار الرفقة الصالحة لهم، والذين يمكن من خلالهم اكتساب الفضائل الحميدة.

6- وجود القدوة الحسنة في حياة الطفل

ويكون ذلك من خلال وجود قدوة حسنة في حياة الطفل بالنسبة للأشخاص الذين يكبرونه سناً، ويكون ذلك من خلال المعاملة الحسنة للطفل، بالإضافة إلى اتباع أسلوب الصدق والأمانة معه.

علاج السرقة عند الاطفال

يوجد الكثير من الطرق التي يمكن من خلال اتباعها علاج مشكلة السرقة عند الاطفال، وفيما يلي سنذكر أبرزها:-

1- التصرف بموضوعية

ويكون ذلك من خلال البحث عن الأسباب التي أدت إلى السرقة، والعمل على معالجتها.

2- السلوك الصحيح

ويكون ذلك من خلال فعل ما هو في صالح الطفل، ومعالجة الأمر بتأني ودقة، ويكون ذلك من خلال ما تم سرقته إلى صاحبه والاعتذار منه، أو دفع ثمنه في حالة أن الطفل قام باستهلاكه أو اتلفه.

3- التزام الهدوء

ويكون ذلك من خلال عدم التصرف مع المشكلة بعصبية، وألا نشخص هذه الحالة على أنها فشل للطفل، وعدم تضخيم الأمر والنظر إلى هذه الحادثة بأنها مصيبة قد حلت على الأسرة، ولكن يجب التعامل معها بأنها حالة خاصة، ويجب التعرف على أسبابها وطريقة علاجها بحكمة وبطريقة غير مبالغ فيها.

4- المراقبة

ويكون ذلك من خلال مراقبة الآباء لتصرفات أبنائهم وسلوكياتهم، ومراقبة الآباء أنفسهم لتصرفاتهم لأنهم هم القدورة أمام الأبناء، وعدم التفلظ بالألفاظ الحرجة في حالة السرقة لأنهم في مثل ذلك الحالة يحتاجون إلى مساعدة الأهل لحل مشكلتهم لا التوبيخ.

قدمنا لكم كل ما هو متعلق بالسرقة عند الاطفال وذلك من خلال ذكر مفهوم السرقة عند الاطفال، وأسبابها، وكيفية التغلب على الأمور التي تؤدي إليها، وأخيراً طرق علاجها.
عزيزي القارئ ما هو رأيك للتعامل مع هذه المشكلة؟.


كتبت: شيماء عبدالباقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top