زرع بذور الاحترام والتسامح: دليل شامل لتعليم الأطفال احترام الآخرين

تعليم الأطفال احترام الآخرين

كيف تعلم طفلك احترام الآخرين وتقبل الاختلافات؟

سؤال نطرحه على الساحة لتعلم كيف تجعل طفلك يحترم الآخرين ويتقبل اختلافات الغير، فيجب عليك أن تكون حريصًا أثناء التعامل مع طفلك وبناء شخصيته – فبناء شخصية طفل يعني بناء المستقبل-

لذا فإننا في هذا المقال سنسلط الضوء على كيفية تعليم الأطفال احترام الآخرين وتقبل آراء الغير.


ما أهمية تعليم الأطفال احترام الآخرين؟

يعلم الجميع جيدًا مدى أهمية تعليم الأطفال احترام الآخرين ولكنهم يجهلون كيفية تحقيق ذلك، فعلى الأب والأم أن يعلمان جيدًا أنهما نواة تعليم الطفل فهما القدوة التي بناء عليها سيتصرف الأطفال، لذا يجب أن تفهم دورك بشكل جيد لكي تحسن التصرف مع طفلك وتجعله شخص بنّاء في المجتمع.

لماذا يجب تعليم الأطفال احترام الآخرين؟

إن الاحترام هو حجر الأساس الذي يجب تأسيسه في البداية لبناء شخصية الطفل فيجب زرعه في نفوس الأطفال منذ الصغر، فعندما يتعلم الأطفال احترام الآخرين فإنهم يصبحون أكثر ثقة في أنفسهم ويشعرون بالأمان في عالمهم، كما يساعدهم أيضًا على بناء علاقات سليمة مع الآخرين ويجعلهم أشخاص مؤثرين في المجتمع.

ولكن السؤال الأهم هنا، لماذا يجب تعليم طفلك احترام الآخرين؟

لا بد أن تعلم عزيزي القارئ أن تعليم الأطفال احترام الآخرين له فوائد عديدة تنعكس على نفسية الطفل، كما لها تأثيرًا قويًا في المجتمع الذي يعيش فيه، ولها مميزات عديدة في مستويات مختلفة، ومنها:

  • على المستوى الشخصي: إن الاحترام يساعد على بناء شخصية متزنة وقوية للطفل تتمتع بالنضج والتفكير السليم، وتعرف قيمة نفسها جيدًا وإمكانياتها، فضلًا على أنها تتحمل المسؤولية وتواجه تحديات الحياة بكل ثقة.
  • على المستوى الاجتماعي: كما يساهم الاحترام في بناء علاقات قوية ومتناغمة مع الآخرين، سواء كانوا أسرة أم أصدقاء أم معلمين، فتمكن الطفل من التواصل مع الآخرين بكل احترام وتفهم لاختلاف وجهات النظر، ما يعمق لديه الشعور بالتعاون والتعاطف مع الآخرين.
  • على المستوى الأخلاقي: فيما يساهم الاحترام أيضًا في غرس القيم والمبادئ في نفوس الأطفال وتقيه من فتن الدنيا والوقوع في الأخطاء، كما تجعله قادرًا على التميز ما بين الحلال والحرام ليجعلها عقيدة راسخة في أفعاله وتصرفاته.

كيف تغرس قيم الاحترام في نفس طفلك؟

سؤال لا بد أن يتبادر إلى ذهنك وأن تجعله محور اهتمامك، وأن يكون حجر الأساس الذي ستبني عليه شخصية طفلك، فغرس نبتة الاحترام في نفوس الأطفال من الأساسيات الراسخة التي تتطلب الكثير من الوقت والجهد والصبر، وإليك بعض الأساليب التي يمكنك اتباعها لتحقيق ذلك الهدف:

  • أن تكون قدوة حسنة لطفلك

لا بد أن تعلم أنك المربي والمعلم الأساسي لطفلك فهو يقتدي بك في كل شيء، فإذا كنت تبدي الاحترام أمام الآخرين فسوف يتعلم منك تلك الصفة، أما إذا كنت تسيء التصرف مع الآخرين فسوف يتبنى منك تلك الصفة، لذا عليك أن تكون نموذجًا يحتذى به في نظراتك وكلماتك وأفعالك، سواء مع أطفالك أو زوجتك أو أعلن أو أصدقائك.

  • تعليم الأطفال أشكال الاحترام

عليك أن تعلم طفلك ما معنى الاحترام ولماذا يجب أن يحترم الآخرين وكيف يبدي هذا الاحترام في تصرفاته، ولكي تحقق ذلك الهدف بدقة فيمكنك أن توضح له معنى الاحترام عبر الأمثلة والقصص والألعاب، ليعرف كيف يطبق هذه المهارات.

فيما يمكنك أن تعلم طفلك كيف يحترم جسده ونفسه ومشاعره وصحته وكيف يحترم اختلافات الآخرين وثقافاتهم، بل يجب أن تعلمه أيضًا كيف يحترم الحياة والبيئة والممتلكات العامة والخاصة والموارد الطبيعية.

  • احترام آراء الأطفال

لا يمكنك أن تجعل طفلك يقدم الاحترام للآخرين إذا لم تحترمه أنت أولًا، فالاحترام ينبع من الداخل أولًا ثم ينعكس خارجيًا، لذا لا بد أن تتعامل مع طفلك بتقدير واحترام وتعطيه الاهتمام والثقة وتحاول فهم آرائه ووجهات نظره ما يجعله يعلم قيمة الاحترام المتبادل.

شارك طفلك في اتخاذ القرارات وتقبل اختلافه ورأيه واعترف بإنجازاته وحفزه على تقوية نقاط ضعفه، كما يمكنك أن تعتذر له إذا صدر منك خطأ بحقه، وتعدل له أخطائه بكل حنان وتسامح.

  • تحديد قواعد وعواقب للطفل

عليك أن توازن الأمور ما بين احترام الطفل وتركه يفعل ما يشاء، فإن الاحترام لا يعني ان تترك طفلك يفعل ما يريد دون حديد، بل يجب أن تضع اه حدود وقواعد تحميه من خطر الانحراف وتنظم سلوكه، كما عليك أن تشرح له الأهداف وراء تلك القواعد وتوضح له العواقب التي ستترتب على مخالفتها.

  • إعطاء فرصة للطفل لتطبيق الاحترام

عليك أن تمنح لطفلك فرصة لممارسة الاحترام عمليًا وتوفر له بيئة تدعم ذلك، فشجعه على المشاركة في المبادرات والأنشطة التي تدعم الاحترام.

  • التشجيع والمكافأة

يمكنك أن تعزز احترام الآخرين لدى طفلك عن طريق مدحهم ومكافأتهم عندما يبدون تصرفات الاحترام للآخرين، وأن توجه له النصح والإرشاد والتوجيه عندما ينسون ولكن بحزم فقط دون إهانة.

  • التواصل الفعال

عليك أن تشجع طفلك على التعبير عن مشاعره وآرائه بحرية واحترام آراء الغير حتى ولو اختلفوا معه، ما يقوي لديهم التسامح والاحترام المتبادل.

  • تعليم الآداب العامة

كما يمكنك أن تعلم طفلك الآداب العامة مثل آداب الشكر والتحية والاعتذار، وغيرها من الآداب التي تعكس تقديم الاحترام للآخرين.

  • احترام الخصوصية

علم طفلك احترام خصوصية الآخرين، وعدم التدخل في شؤونهم الخاصة بدون إذن.

  • تقدير الاختلافات

عود طفلك أن يقبل اختلافات الآخرين وأن يحترم ثقافة الغير وعدم النظر إلى الطرف الآخر بازدراء.

  • الألعاب التعاونية

يتمتع اللعب بأهمية خاصة عند الأطفال، لذا يمكن أن تستغل حب طفلك للعب وتستخدمه لصالحه وتجعله خير معلم له، فيمكن أن تعلم طفلك كيفية احترام الآخرين عندما تجعله يشارك في ألعاب العمل الجماعي، لذا سأقترح عليك بعض الألعاب لتقترحها على طفلك وتجعله يفهم أهمية التعاون مع الآخرين.

  • لعبة كرسي التعاون

تعتبر لعبة كرسي التعاون من أهم الألعاب التي تساعد الطفل على فهم أهمية التعاون مع الآخرين واحترامهم وكيفية العمل في جماعة، وتقوم فكرة هذه اللعبة على أن يضع اللاعبون مجموعة من الكراسي في صف واحد على أن يكون ناقصًا واحدًا عن عدد اللاعبين، ومن ثم يبدأ أحد من غير اللاعبين بالعد ويتحرك بشكل دائري حول الكراسي، وعندما يتوقف الشخص عن العد يبدأ اللاعبون الجلوس على الكراسي والذي لم يجد كرسي يكون هو الخاسر، وهكذا إلى حين انتهاء اللعبة.

  • لعبة خيط العنكبوت

إذا كنت تريد أن تصل إلى نتيجة مثمرة لتحفيز التواصل والتعاون بين الأطفال، فعليك أن تستخدم لعبة خيط العنكبوت، حيث تساعد الأطفال على التعاون مو خلال التواصل وتجعلهم يشعرون كأنهم قوة متينة، ولتنفيذ تلك اللعبة فيمكنك أن تحضر خيط طويل يكفي لتكوين شبكة عنكبوت، ثم اطلب مو الأطفال تمرير الخيط عبر أذرعهم لتكوين الشبكة، ما يعمق من قدرات الأطفال التفاعلية والإبداعية، إضافة إلى تعزيز تعاونهم وثقتهم في بعضهم البعض.


كيف تتعامل مع الاختلافات بين الأطفال؟

إن التعامل مع الاختلافات بين الأطفال يتطلب منك أن تكون أكثر صبرًا ومرونة وعمقًا، لكي تصل إلى نتيجة مرضية وإيجابية تمكّن طفلك من كيفية تقدير الاختلافات والفروق واحترام الغير، لذا إليك بعض النصائح التي تساعدك لتحقيق تلك الأهداف:

  • فهم الفروق الفردية: عليك أن تعلم أن كل طفل له اهتماماته وشخصيته وقدراته الخاصة، لذا حاول أن تتعرف على ما يميز كل طفل وأن تفهم احتياجاته جيدًا.
  • تعزيز مهارات التواصل: عليك أن تشجع طفلك على التعبير عن أفكاره ومشاعره، فإن الاستماع الجيد يساعد في تقليل التوترات الناتجة عن الاختلافات.
  • تقديم الدعم العاطفي: عليك أن تكون داعمًا لطفلك وخاصة عندما يشعر بالإحباط والغضب بسبب اختلاف، لذا أظهر نفسك دائمًا له وأن تكون خير داعم له طيلة الوقت.
  • تعليم الأطفال مهارات حل النزاع: يجب أن تعلن طفلك كيف يتعامل مع الاختلافات بشكل عملي، مثل التفاوض ومن ثم التوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف.
  • تشجيع التعاون: عليك أن تنظم أنشطة تحتاج إلى التعاون وبين الأطفال، ما يساعدهم على فهم قيمة العمل الجماعي وبالتالي سوف يقدرون الاختلافات.
  • تجنب المقارنات: عليك أن تبتعد تمامًا عن مقارنة الأطفال ببعضهم البعض، فذلك ينتج عنه مشاعر سلبية مثل عدم الكفاءة والغيرة وعدم الثقة في النفس.
  • تقديم نماذج إيجابية: عليك أن تكون قدوة لطفلك أثناء التعامل مع الاختلافات بطرق محترمة وإيجابية، ما يعزز ذلك الشعور في نفس الطفل.
  • تعليم الاحترام والتسامح: عليك أن تعلم أطفالك أهمية احترام اختلافات الآخرين وقبولها، وتقبل اختلاف وجهات النظر.
  • تخصيص وقت معين لكل طفل: عليك أن تقضي وقتًا خاصًا بينك وبين طفلك فقط كلُ على حدة، لتفهم احتياجاته بشكل أكبر.
  • التكيف والمرونة: عليك أن تكون مرنًا ولينًا في أسلوبك وتوجيهك عندما تتعامل مع الاختلافات، فقد يحتاج الموقف إلى تعديل في استراتيجياتك وفقًا للطفل والموقف.

كيفية حل النزاعات بين الأطفال؟

إن الصراع بين الأطفال أمر طبيعي ويحدث دائمًا، سواء كانوا يتشاجرون مع أخوانهم أو زملائهم في المدرسة، لذا عليك أن تكون صبورًا وحكيمًا أثناء التعامل مع طفلك عندما يتشاجر مع أحد من إخوانه أو أصدقائه، فإن حل النزاع بين الأطفال من المهارات التي تتطلب ذكاء وجهد وحكمة لكي نمكّن الأطفال من حلها بأنفسهم، وكذا معرفة كيف ومتى تشارك في حل النزاعات، وذلك ما سوف نوضحه لكم فيما يأتي:

  • عليك أن تنتبه إلى نوع الصراعات بين أطفالك حتى لا يتأذى أي منهم، وعليك أن تراقب بعين الصقر هل حدث إساءة من أحدهم أم لا.
  • وحاول أن تعرف إذا كان بإمكان الأطفال حل مشاكلهم بأنفسهم أم لا، ولكن تذكر أن الأطفال الأصغر سنًا يحتاجون إلى المساعدة والتدخل لحل المشكلات.
  • عليك ألا تنحاز إلى أحد وتفضل أحد منهم على الآخر، وحاول تهدئة الطفلين أولًا ثم اطرح الأسئلة عما حدث والاستماع إليهم بكل هدوء.
  • عليك أن تساعد طفلك أن يحل مشاكله بنفسه، لذا لا بد أن يتعلم كيفية احترام الآخرين.
  • عند سماعك للصراع بين الأطفال فلا تركز مع من بدأ الشجار، بل حمل الأطفال مسؤولية متعادلة عند انتهاك أحدهم القواعد.
  • وفي حالة الصراع، عليك أن تمنح أطفالك فرصة للتعبير عن مشاعرهم وما يجول بخاطرهم تجاه بعضهم البعض، فلا تحاول أن تحضر كلمات من تلقاء نفسك بل اترك طفلك ينتقي كلماته وفقًا لما يشعر به، ولكن عليك أن توضح اهم فقط كيف يعبرون عنها بدون شتائم أو صراخ أو عنف.
  • اجعل الطرفين يعبران عن مشاعرهما بكل حرية، وامنح كل طفل فرصة لكي يوضح فكرة نظره الخاصة.
  • ومن ثم عليك أن تقترح عليهم حلولًا وسط لحل المشكلة ترضي جميع الأطراف بدون أن تظلم أحد منهم.

أسئلة شائعة:

  • كيف أتعامل مع طفلي إذا أظهر سلوكًا عنصريًا؟

لا تنفعل على طفلك وتغضب إذا أظهر سلوكًا عنصريًا، وتناقش معه بكل هدوء لمعرفة منبع أفكاره ولم يتصرف بهذا الشكل واستمع إليه جيدًا لكي يبوح لك بكل ما بداخله دون خوف أو قلق، ومن ثم ابدأ في تصحيح أفكاره ووجهات نظره، وتكلم معه عن الفروق بين الناس في الشكل واللون والدين، وإذا لم يستجب لك طفلك واستمر في تصرفاته فعليك أن تستشير متخصصًا في الإرشاد النفسي ليدلك على التصرف المناسب.

ما أهمية قصص الأطفال في تعليم القيم الأخلاقية؟

إن قراءة القصص تساهم في إضافة معاني الأخلاقية والإنسانية للطفل، فيمكنه أن يميز بين الخير والشر والحق والباطل والحلال والحرام، عن طريق ترسيخ قيم الرحمة والتعاطف والمحبة والعطاء والتسامح وقبول الغير والانفتاح المعرفي والحضاري والثقافي، حيث تفتح القصص مجالًا لمعرفة ثقافات العالم والشعوب عبر التاريخ.

  • كيف يمكنني مساعدة طفلي على تكوين صداقات متنوعة؟

ولكي تجعلي طفلك قادرًا على تكوين صداقات متنوعة عليكِ أن تكوني صديقته أولًا فأنتِ منبع حنانه الأول لذا لا بد أن تكوني أول أصدقائه ليمتص الأمان منك، كما يمكنك أن تشجعيه على المشاركة في الأنشطة المختلفة، فضلًا على تعليمه كيف يختار رفيق دربه والابتعاد عن أصدقاء السوء، وفي هذا الصدد يمكنك الاستعانة بالقصص التي تتكلم عن الصداقة والأصدقاء ليعي طفلك جدية ما تقولينه.

  • ما هي العوامل التي تؤثر على قدرة الطفل على احترام الآخرين؟

عادة يبدأ تصرف الطفل من الأسرة، لذا لا بد أن تكون قدوة لطفلك حيث أنه يستمد منك الصفات والتصرفات، كما أن التوجيه والتعليم المستمر يجعل الطفل يحترم الغير ويجعله سلوك حياته.

وختامًا، لا بد أن أؤكد عليك أن تعليم الأطفال احترام الآخرين من أهم مسؤوليات الأمهات والآباء، فهي أساس التربية الناجحة والسليمة.

حيث يمهد لهم طريق النجاح والسعادة في حياتهم، ويجعلهم أشخاصًا محبوبين ومميزين في عالمهم، لذا علينا أن نبذل قصارى جهدنا لغرس القيم والمبادئ في نفوس أطفالنا.

Scroll to Top