دليل الرضاعة الطبيعية: مصدر الغذاء والحب لطفلك .. ما يجب أن تعرفيه

هل أنتِ في بداية رحلتك مع الأمومة؟ هل تبحثين عن أفضل ما يمكنكِ تقديمه لطفلك ليبدأ حياته بصحة وقوة؟
الرضاعة الطبيعية ليست فقط وسيلة لإشباع جوع صغيرك، بل هي تجربة إنسانية فريدة تبني جسورًا من الحب، وتقوّي مناعته، وتغذّي عقله وقلبه في آنٍ واحد.

في هذا المقال الشامل، سنأخذك في رحلة مليئة بالمعلومات الثمينة والدقيقة عن فوائد الرضاعة الطبيعية لكِ ولطفلك، وسنوضح لكِ كيف يصبح حليب الأم درعًا واقيًا ضد الأمراض، وداعمًا أساسيًا لنمو سليم نفسيًا وجسديًا. كما ستتعرفين على أنواع الحليب التي ينتجها جسمك في كل مرحلة، وكيف تستجيبين لتغيرات احتياجات طفلك، بالإضافة إلى كيفية التغلب على التحديات والمشكلات الشائعة في الرضاعة.

اقرئي حتى النهاية، فكل فقرة قد تحمل إجابة على سؤال حائر في ذهنك، أو حلًا لمشكلة تواجهينها الآن… لأنكِ تستحقين المعرفة، ولأن صغيرك يستحق الأفضل دائمًا.


ما هي فوائد الرضاعة الطبيعية للأم والطفل؟

تعد الرضاعة الطبيعية من أهم مصادر الغذاء في حياة الرضيع، فيساعد حليب الأم على تطور ونمو الطفل الصحي، ويعزز من مناعته لما به من مكونات مهمة ومفيدة لصحة الطفل، فهو ملئ بالفيتامينات والمعادن التي يحتاجها جسم الرضيع.

فيكون حليب الأم سهل الهضم مقارنة بنظيره الصناعي، فيكون وجبة مثالية مناسبة للجهاز الهضمي للطفل، فبمكونات حليب الأم مثل اللاكتوز والكازين ومصل اللبن تسهل عملية الهضم للطفل.

وتكثر فوائد الرضاعة الطبيعية للأطفال، فبجانب النمو الصحي للطفل نتيجة امتصاصه العناصر الغذائية الهامة من لبن الأم، فيتميز بأنه يتشكل وفقا لاحتياجات الطفل في كل مرحلة.

ويساعد حليب الأم على حماية الطفل من الأمراض على المدى القصير والبعيد، فتنتقل الأجسام المضادة للبكتيريا والفيروسات، مما يقلل من خطر الإصابة لأمراض الجهاز التنفسي والهضمي والتهابات الأذن.

وأثبتت بعض الدراسات أن الرضاعة الطبيعية تقلل من خطر موت الرضيع الفجائي، كما تقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري ومرض السمنة، كما تعزز الرضاعة الطبيعية من نمو عقل الطفل.

فضلا عن تقوية الروابط بين الأم والطفل، فيعمل اللمس والنظام الهرموني خلال الرضاعة الطبيعية على تقريب الطفل من أمه، كما تعمل الرضاعة على تهدئة الطفل بفضل الميلاتونين في حليب الأم.

أهمية حليب الأم للطفل

تكثر أهمية حليب الأم للطفل لما به من تكريبات ومكونات تفيد صحة الطفل، وتختلف تركيبة حليب الأم حسب كل فترة وحسب احتياجات الطفل، ويتكون حليب الأم من:

اللبأ

وهو الحليب الذي ينتجه ثدي الأم عند اقتراب الولادة وفي أول أيام الوضع، وهو اللقاح الأول للطفل، وبه ثلثين الأجسام المضادة لحماية الطفل من الأمراض والالتهابات، ويحتوي اللبأ على البروبيوتيك وهو نوع من السكريات التي تحفز نمو الأجسام المعوية النافعة في القولون.

ويكون اللبأ أصفر اللون، ويحتوي على عناصر كثيرة مهمة مثل الأحماض الدهنية والفيتامينات والبروتينات والأنزيمات والمعادن والسيتوكينات، وعوامل النمو، والتي كلها مهمة للطفل.

الحليب الانتقالي

ومع مرور الوقت يتغير حليب الأم من اللبأ إلى الحليب الانتقالي، فيكون الجسر بين اللبأ والحليب الناضج، ويتغير مكوناته طبقا لاحتياجات الطفل لضمان نومه على أحسن وجه، ويكون الحليب الانتقالي غني بالدهون واللاكتوز، وفي هذه المرحلة ترتفع كمية الحليب المنتج فيكون حوالي 700 مل في اليوم.

الحليب الناضج

وهو الذي تستقر تركيبته على المدى الطويل، فيتكون من كل العناصر الأساسية لنمو الطفل، فيحتوي على الدهون والكربوهيدرات والفيتامينات والبروتينات والأملاح المعدنية والبروتيد.

الأجسام المضادة في حليب الأم

ويحتوي حليب الأم على عدد من الأجسام المضادة، والتي تساعد الطفل في محاربة الفيروسات والبكتيريا في الأشهر الأولى، فيحتوي الحليب على الكولوستروم والذي يوفر كميات كبيرة من الأجسام المضادة مثل الإيمونوجلوبين.

فعندما تتعرض الأم للفيروسات أو البكتيريا، فينتج الجسم أجسام مضادة تنتقل إلى الحليب، وهذه من أهم فوائد الرضاعة الطبيعية التي تعزز من مناعة الطفل باستخدام هذه الأجسام المضادة.

وهذه الأجسام تحمي طفلك من الأمراض، فتنشئ حاجز وواقي في الجهاز الهضمي والأنف والحلق.

تقوية الجهاز المناعي

أثبتت الإحصاءات أن عدد حالات دخول الرضع المستشفى تكون قليلة بين من تلقوا الرضاعة الطبيعية على عكس من تلقوا الحليب الصناعي، وذلك بسبب ما يحتويه لبن الأم من أجسام مضادة وهوامل تكافح الجراثيم والتي تنتقل إلى الطفل من الرضاعة الطبيعية، وهذا ما يوقي لديه الجهاز المناعي.

وتكون الرضاعة الطبيعية أساسية ومهمة للغاية خصوصا مع الأطفال غير مكتملة النمو، وبشكل عام تقلل الرضاعة الطبيعية من خطر إصابة الطفل ببعض الأمراض مثل التهاب السحايا وعدوى الجهاز التنفسي والإسهال وعدوى الأذن، وتدوى الجهاز البولي، والحساسية والربو، كما تقي من بعض أنواع سرطانات الطفولة.

فضلا عن الوقاية من مرض السكري من النوع الأول والثاني، وتقلل من احتمالية إصابة الطفل به في المراحل المستقبلية.

الفوائد الصحية للرضاعة الطبيعية للطفل

تتعدد الفوائد الصحية التي تعود على الطفل من الرضاعة الطبيعية، فالأم هي المانحة الأولى للعناصر الغذائية والفيتامينات لطفلها منذ كان في بطنها، ومن هذه الفوائد الصحية:

  • تقلل من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المعدية والعدوى، بما فيها الجيوب الأنفية والزكام وإصابات الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي والتهابات الأذن الوسطى والحلق.
  • كما تحمي الرضاعة الطبيعية من تلف أنسجة الأمعاء وتقليل فرص حدوث التهاب معوي قولوني ناخر.
  • تقلل من خطر متلازمة الموت المفاجئ للرضع.
  • كما تقلل الرضاعة الطبيعية من إصابة الطفل بأمراض الحساسية مثل الربو والإكزيما.
  • ويكون الأطفال المتلقين للرضاعة الطبيعية أقل عرضة للإصابة بأمراض الأمعاء مثل مرض كرون والتهاب القولون التقرحي.
  • وتخفض من خطر إصابة الطفل بالسكري من النوع 1 و 2.
  • كما تدعم الرضاعة الطبيعية الوزن الصحي للأطفال وتقليل خطر حدوث السمنة في مرحلة الطفولة، بسبب البكتيريا المعوية الموجودة في حليب الأم.
  • ويعمل حليب الأم على دعم نمو خلايا الدماغ وتكوين الروابط العصبية، بفضل تركيباته المعقدة من الكربوهيدرات والبروتينات وغيرها.
  • تطور الرضاعة الطبيعية من وظائف الدماغ والجهاز العصبي، بفضل الأحماض الدهنية الأساسية الموجودة في لبن الأم.
  • أكدت الدراسات أن الأطفال الذين يتلقون الرضاعة الطبيعية في الغالب ما يحققوا مستويات أعلى في اختبارات الذكاء والمهارات اللغوية والذاكرة.

الفوائد النفسية والاجتماعية للرضاعة الطبيعية

بجانب الفوائد الصحية للرضاعة الطبيعية، فهي تعود بالكثير من الفوائد النفسية والاجتماعية أيضا للطفل.

تعزيز الترابط الجسدي والعاطفي بين الأم والطفل

فتخلق الرضاعة الطبيعية ترابط بين الأم والطفل بسبب التلامس الجلدي، وأثبتت الأبحاث أن الرضاعة الطبيعية تساعد في تقليل المشاكل الإجتماعية والسلوكية لدى الأطفال عند الكبر.

فهي تكون ترابط عاطفي بين الأم والطفل من خلال التلامس بين جلديهما، مما يؤدي إلى إفراز هرمون الأوكسيتوسين، المعروف بهرمون الحب والترابط، وهو الذي يعزز من الشعور بالراحة والأمان بينهما.

وتعمل النظرات المتبادلة أثناء الرضاعة الطبيعية على تقوية الروابط العاطفية بين الطفل والأم.

  • الشعور بالأمان والاستقرار

خلال الرضاعة الطبيعية، يشعر الطفل بالهدوء والاستقرار، فتهدأ نفسه، وتتحسن صحته النفسية، ويصبح قليل البكاء. ويعرف الطفل حين الدخول في حضن أمه أنه في أمان عندما يشعر بالانزعاج والجوع فيسكن إليها ليجد وجبته اللذيذة في أي وقت يريد.

  • فهم الطفل وتشكيل شخصيته

تساعد الرضاعة الطبيعية على تعلم قراءة إشارات الأطفال، مما يساعد في تشكيل سلوك الطفل المبكر، وتعتبر الرضاعة هي أول تفاعل اجتماعي للطفل، فيتعلم التواصل والتفاعل مع الآخرين.

كما تمكن الرضاعة الطفل من تطوير مهاراته الاجتماعية من خلال ملاحظة سلوكيات الأم ليقوم بتقليدها.

المشاكل الشائعة في الرضاعة الطبيعية والتعامل معها

تعاني الأمهات ببعض المشاكل في الرضاعة الطبيعية، والتي يجب التغلب عليها بالطرق الصحيحة، ومن أبرز هذه المشكلات:

انسداد القنوات اللبنية

وتعتبر هذه المشكلة من أكثر المشكلات الشائعة بين الأمهات، فتتكون كتل صلبة طرية عند قنوات الحليب، مما يمنع تدفق الحليب ويمكن أن يسبب احمرار وتورم مصحوب ببعض الألم.

ويمكنك التغلب على هذه المشكلة من خلال:

  • أن تستمري في إرضاع طفلك كل ساعة أو ثلاث ساعات للحفاظ على تدفق الحليب في الثدي عبر القنوات اللبنية.
  • الاهتمام بإرضاع الطفل من الثدي المصاب بالانسداد في القنوات اللبنية، فمن الممكن أن تساعد قوة الشفط من الطفل في بداية الإرضاع على إزالة أي كتل مسببة للانسداد.
  • طبقي كمادات الماء الساخنة مع تدليك الثدي.
  • يمكنك أن تستخدمي مضخة الثدي أو شفاط الثدي اليدوي لإزالة الحليب والتخفيف من الانسداد.
  • اشربي كميات كافية من المياة، واحصلي على قسط كافي من الراحة.

قلة إنتاج الحليب

يمكن أن تتعرض الأم إلى مشكلة نقص كمية الحليب وإنتاجه، لكن هناك العديد من الطرق للتغلب على هذه المشكلة، منها:

  • الاستمرار في الرضاعة الطبيعية، فكلما تم سحب الحليب من الثدي يحفز ذلك إنتاج المزيد من الحليب.
  • تعرفي على طريقة الإرضاع الصحيحة وتأكدي من رضاعة الطفل بشكل جيد.
  • احرصي على إطالة فترة الرضاعة، لتصل إلى 10 دقائق من كل ثدي.
  • استخدمي مضخة الثدي، مما يزيد من تدفق الحليب.
  • احصلي على كميات مناسبة من الطعام والقدر الكافي من الراحة.

آلام الحلمة

تكون الرضاعة الطبيعية مؤلمة في كثير من الأحيان وخصوصا في الأيام الأولى من إرضاع الطفل، فعليك أن تتأكدي من بعض الأمور الهامة لتفادي هذا الألم، مثل:

الالتصاق الصحيح، فحاولي تغيير وضعيات طفلك عند الرضاعة لتصلي إلى وضعية لا تشعرك بالألم.

فيجب وضع الصدر والبطن للطفل مقابل جسمك، حتى لا يلتف رأسه في تجاه الثدي، بل يكون في خط مستقيم مع الجسم.

ويجب أن تتأكدي من أن فم الطفل مفتوح كما في التثاؤب، حول الثدي وليس فقط حول الحلمة.

يمكنك أن تستخدمي مسكنات الألم، مثل الأسيتامينوفين أو الأيبوبروفين، واستشارة الطبيب أولا.

وإن كان الألم لا يتوقف بعد يوم أو يومين، لابد أن تذهبي إلى الطبيب المتخصص.

وفي الختام، وبعد اطلاعك على كل فوائد الرضاعة الطبيعية لطفلك، عليكِ أن تهتمي بتقديمها له حتى السن المناسب، ليستفاد الطفل بكل هذه المميزات التي تعود على جسمه وصحته النفسية.

وإن مررتي بتجربة الرضاعة الطبيعية سابقا، شاركينا تجربتك حول مزاياها، والتحديات التي قابلتيها أيضا.

أسئلة شائعة

هل يمكنني الجمع بين الرضاعة الطبيعية والرضاعة الصناعية؟

نعم يمكنك الجمع بين الرضاعة الطبيعية والصناعة، لكن عليكِ الاعتماد بشكل كلي على الطبيعية، وتكون الجرعات الصناعية في أوقات الطوارئ فقط، لأن فوائد الرضاعة الطبيعية أكثر بكثير من الصناعية.

متى يجب إرضاع طفلي؟

عليك أن تبدأي في إرضاع طفلك منذ اليوم الأول له في العالم الجديد، بمعدل كل ساعة وحسب حاجة الطفل، ويمكنك استشارة الطبيب في هذه الحالة، لأن كل طفل يختلف عن الأخر في احتياجاته.

كم من الوقت يجب أن أستمر في الرضاعة الطبيعية؟

لابد أن تستمري في الرضاعة الطبيعية لطفلك، حتى إتمام العامين، وفي بعض الحالات عام ونصف.

ماذا أفعل إذا كان طفلي يرفض الثدي؟

رفض الطفل الثدي أثناء الرضاعة أسباب كثيرة، لكن يمكنك أن تجربي تغيير وضع الرضاعة، خصوصا إذا كان الطفل يعاني من صعوبة في الإمساك بالحلمة.

تأكدي من صحة حلمة الثدي، وعدم وجود أي تشققات أو التهابات فيها، والتي تسبب الألم للطفل.

حاولي أن تكون الرضاعة في مكان هادئ ومريح للطفل بعيدا عن الازعاج.

حاولي أن تسترخي قدر الإمكان أثناء الرضاعة، لأن توتر الأم ينتقل إلى الطفل.

دورة تدريبية متكاملة ومجانية مقدمة من منظمة اليونيسيف بعنوان “الاستثمار في تغذية الطفل” تعلمك كل ما يجب معرفته عن الرضاعة الطبيعية وتغذية الطفل حديث الولادة بشكل كامل.

يمكنك الإنضمام للدورة مباشرة بالنقر هنا

Scroll to Top